نَقْشٌ مَعِينِيٌّ جَدِيدٌ من جبل مُنِيفٍ في محافظة العُلا، المملكة العربية السعودية

رقم: 79
د. سليمان الذييب

كُتِبَ هذا النقش الذي عَثَرَ عليه الأستاذ »أحمد بن محمد المسعود« في أثناء تجواله في مزرعة »عبد الرحيم الصقير«، بأسلوب الخط الغائر على إحدى واجهات جبل يعرف محليًّا باسم »زِبْ مُنِيف«، يبعد إلى الشمال من مدينة العلا القديمة »البلدة القديمة« أربعة أكيال. وعكست طريقة كتابته مقدرة كاتبه وتمكنه من العربية الجنوبية. وإذا أخذنا في الحسبان حرف السين الظاهر في بداية الفعل (س ق ن ي)، وفي نهاية الأسماء (ع ر ر س) باعتباره ضميرًا مفردًا غائبًا، يتبين أن لهجة النقش هي المَعينية.

الأمر اللافت الذي دفعنا إلى القول إن الجالية المعينية في دادان تأثرت باللغة المحلية الدادانية أن كاتب النقش استخدم مفردات انتشرت في هذه اللغةِ / اللهجة »ع ر ر، و ع ر ر س«، وهو ما يشير إلى تأثر المعينية »أمة عستر«، باللهجة الدادانية المحلية، فقد سجل هذا الفعل في الدادانية مرات عديدة (القدرة ٢٠٠٣م، ص ١٤١).

يشير النقش إلى إهداء (تقديم) »أمة عستر« بنايةً هيكلًا معماريًا، للمعبود »ق س« عن المعبودة مع »ع ت ث ر« المعروفة في جنوب شبه الجزيرة العربية وشمالها للمعبود. »ق س« المنتشر فقط في شمال شبه الجزيرة العربية. وهو ما يشير إلى أن «أمة عستر« المعينية أرادت مد يد الصداقة احترامًا للمجتمع الداداني المنفتح، فأهدت معبودًا محليًّا «قس« الذي عرف بشكل أوسع قليلًا في الحقبة المتأخرة لدى قبائل منطقة شمال شبه الجزيرة وشعوبها.

 يعكس مضمون هذا النقش الانفتاح الحضاري والثقافي لشَعْبَيْ مملكتي دادان ولحيان، وتبنيهما العيشَ مع الآخر بوضوحٍ، إضافة إلى اندماج الجاليات بسلاسةٍ وسهولة في المجتمع، مع إبقائهم على معتقداتهم، واستخدام أقلامهم ولغاتهم بلا خوف أو وجل؛ وهو ما رفع عندهم الترابط الصادق بينهم وبين المجتمع المحلي.