العشق والموت والتزكية في سير أولياء الجهرية وترجمة ما ديشِن الشارحة لقصيدة البُردة

رقم: 16
د. توماسو بريفياتو

ما من دينٍ إلا يبحث عن إجاباتٍ لمسائل الحياة والموت، أو يتحدث عن حياةٍ أخرى، بعد فناء الجسد. وتمَسُّ أديان العالم هذه المسائلَ بطرقٍ متباينة؛ فتمثل مصدرا للسلوك الأخلاقي، الذي يحكم عَلاقات الناس فيما بينهم وبين بعض، وبينهم وبين الإله. وفي الغالب، نجد الموتَ موصوفا، بأنه أمر يكافح المرء للتصالح معه، في كفاح يرتبط - في الغالب - بمشاعر الحزن، والخوف، واليأس. لكن - أحيانا - يُمدح الموت، بوصفه قطيعةً مُبهجةً ووَجديّةً، مع العلائق الدُّنيوية، أو فرصةً لخلاص النفس. وهنا يكون الموت أكثرَ من مجرد انحلالٍ للجسد، وربما يصبح محاولةً صوفية، لارتقاء الروح، والتوحد مع الإله. وفي أقصى الصور تطرفا، يرتقي الموت بالاستشهاد، وهو فعل استسلام، وإخلاص ديني، يعجِّل من سيرورة تمثُّل الوجد. وتبحث هذه الورقة في روايات الاستشهاد الواردة في سِيَر الأولياء الصالحين، لدى الطريقة الجهرية النقشبندية، وترجمة ما ديشِن: Ma Dexin (المعروف أيضا: بعبد القيُّوم روح الدين يوسف، أو باسمه التبجيلي: ما فو تشو Ma Fuchu، والمولود في عام ۱۷۹٤م)، أحد كبار علماء الحنفيّة في يونان. وكالكثير من الجهريِّين معاصريه، اضطَلع ما ديشِن في أُخريات حياته، بدور كبير في انتفاضات المسلمين، في منتصف القرن التاسع عشر، ضد أسرة تشينغ (١٦٤٤-١٩١٢م)، ليموت شهيدا في عام ١٨٧٤م.