متابعات إفريقية، العدد الخامس والثلاثون

المحرر: د. محمد السبيطلي

يصادف صدور هذا العدد الجديد من دورية "متابعات إفريقية" مرور أكثر من شهرين على بداية الأزمة السودانية، وكنا أعددنا لهذا الملف عددًا خاصًّا، لكن ذلك لا يمنع من الإشارة إلى التداعيات الجيوسياسية لما يحدث من خلاف ومعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. ونقصد هنا بالتداعيات الجيوسياسية مواقف واحتمالية التدخل -بصورة أو بأخرى- من قبل بعض الأطراف الرسمية، أو غير الحكومية، في دول الجوار المباشر؛ فالتداخل الإثني، وامتداد الحدود، ووجود سوابق تاريخية ليست ببعيدة، والعلاقات المباشرة مع طرفي النزاع، والمصالح المشتركة، والتهديدات الإرهابية- عوامل ومحاور دافعة، أو ناقلة للصراع إلى خارج الحدود، علاوة على انعكاسات الأزمة على وحدة المجتمع، والدولة السودانية. 
ولعلَّ أكثر الدول المعنية مباشرة بذلك دولة تشاد، وجمهورية إفريقيا الوسطى، ودولة جنوب السودان، وليبيا، وإثيوبيا، وإريتريا. فتشاد التي لها شريط حدودي يقدر بنحو ١,٣٠٠ كم مع السودان، وخاصة مع إقليم دارفور- قد تكون أكثر بلدان الجوار تأثُّرًا بالأزمة السودانية، إلى جانب جمهورية إفريقيا الوسطى. ولعلهما -مع مصر- أكثر البلدان المجاورة، التي استقبلت أعدادًا كبيرة من اللاجئين الفارين من المعارك. أما جنوب السودان فقد لا تكون له مصلحة، لاتخاذ موقف مساند لأحد طرفي النزاع، باعتبار أن نفطه يمر من الأراضي السودانية، ليصدّر إلى الخارج. أما إثيوبيا، ومع وجود نزاع تاريخي لها مع السودان بخصوص إقليم الفشقة، واتهامها للجيش السوداني بدعم التيغراي في حربهم مع الدولة المركزية- فإنها قد تجد نفسها أقرب إلى دعم قوات الدعم السريع، وحاضنته السياسية. وتظلّ إريتريا أقل الدول المجاورة تأثّرًا بالحرب الدائرة في وسط السودان وغربه.
العدد الجديد من "متابعات إفريقية" تضمن في ملفه الثقافي ثلاث دراسات، تشمل: التعليم التقليدي في نيجريا، والوضع اللغوي في السودان، والتفاعل الفني والثقافي بين مجتمعات الصيادين، في سواحل البحر الأحمر.
أما الملف الاقتصادي والاجتماعي فقد كان محوره الهجرة غير النظامية من إفريقيا إلى السواحل الجنوبية لأوروبا، سواء من شمالي إفريقيا، أو من وسط وشرقي إفريقيا، عبر دول المغرب العربي. وكانت المقاربات هنا سوسيولوجية، أو من زاوية اقتصادية وسياسية. 
تناول القسم الخاص بعروض الكتب قضية المركزية الإفريقية لدى أهم منظريها السنغاليين، وكذلك التفاعل الحضاري والتاريخي لبعض مدن البحر الأحمر مع العالم، والجذور التاريخية للعرب في إفريقيا.