محاضرة: هل المنظمات الدولية لعبة؟

التاريخ: 2018-04-03

محاضرة عامة | | 2018-04-03

بحضور صاحب السمو الملكي  الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس ادارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية، وعدد من الدبلوماسيين والأكاديميين والمهتمين، أقام مركز الملك فيصل، محاضرة بعنوان: "هل المنظمات الدولية لعبة؟"، وذلك مساء الثلاثاء 17 رجب 1439هـ الموافق 3 أبريل 2018م، حيث أكد مندوب السعودية لدى منظمة اليونسكو سابقا د. زياد الدريس  في محاضرته على حاجة الدول العربية لمنظمة دولية مثل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو، وهي أحوج ما تكون إلى المنظمة الآن منها إليها يوم تأسست عام 1945م، وذلك لدورها الهام والعالمي في المساهمة بإحلال السلام والأمن والاحترام وسيادة القانون وتعزيز حقوق الإنسان عن طريق رفع مستوى التعاون بين دول العالم في مجالات التربية والتعليم والثقافة، وهدفها المتمثل بمكافحة أشكال العنصرية، والحفاظ على حضارات وتاريخ الدول، مستشهدا باعتراف المنظمة بفلسطين، دولة كاملة العضوية، معبرا عن رفضه اعتبار قرارات دولية مثل هذا القرار مجرد حبر على ورق، بل رصاص على ورق، وهي قرارات وإن بدت غير مهمة أو بلا قوة، بل لها مفعولها وقوتها مع مرور الوقت.

وفي بداية المحاضرة التي أدارها الباحث بمركز الملك فيصل د. سليمان الذييب، تحدث الدريس عن بداياته المهنية التي صقلت تجربته وساهمت في بناء خبراته العملية وكانت في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، مشيرا إلى دور المركز الريادي في مجالات الفكر والثقافة وجهوده البحثية والأكاديمية المستمرة.

وقال الدريس: إن المحاولات الفلسطينية المتكررة للانضمام إلى منظمة اليونسكو. كانت تبوء بالفشل لأكثر من عشرين عام من طلبات الانضمام، ولكنها أخيرا حصلت على الاعتراف، وأصبحت دولة كاملة العضوية، منوها بأن فلسطين لن تتحرر فقط بقرار دولي، لكن القرارات الدولية التي تصنع في المنظمات الدولية ومن ضمنها اليونسكو، قادرة بمفعولها الدبلوماسي أن تقوّض مبررات احتلال دولة عربية مثل فلسطين.

وحول عنوان المحاضرة، ذكر الدريس بأنه يعيد إلى الأذهان كتابين حول نظرية المؤامرة وهما: كتاب أحجار على رقعة الشطرنج، وكتاب لعبة الأمم، رافضا النفي المطلق لنظرية المؤامرة وإنكارها من قبل بعضهم، وبالوقت نفسه عبر عن رفضه الإيمان الكلي بها وبإثبات وجودها، مشيرا إلى أنها كفكرة ينبغي أن تكون موجودة استنادا لمبدأ الشك، وعموما هي واضحة أحيانا في بعض القرارات الدولية، في حين أن هناك قرارات دولية أخرى تخلو من هذه النظرية. وحذر من المهووسين بنفي نظرية المؤامرة بالمطلق، الذين لا يقلون سوءا خطرا عن المهووسين بجعلها دوما مفسر الأحداث.

وتطرق الدريس إلى قصة انضمام دولة فلسطين إلى المنظمة الدولية، ودور النضال الدبلوماسي الفعال والدائم في تحقيق النجاحات واسترداد الحقوق، رافضا التقليل من قيمة النضال العسكري، ولكن مؤكدا على قيمة النضال الدبلوماسي، الذي ما زال بعضهم يظن أنه بلا جدوى، وقال: "حين يسمع الحث على إعداد (القوة) يظن أن المقصود هو فقط القوة الخشنة، ولا يعي أن (القوة الناعمة) قد تكون أكثر خشونة وتأثيراً إذا سيقت في موضعها الصحيح". مشيرا إلى كتابه الأخير "النضال الدبلوماسي" الذي لا ينهى عن النضال العسكري، لكنه يأمر بالنضال الدبلوماسي.

كما تطرق إلى قصة "اليوم العالمي للغة العربية"، مشيرا إلى حاجتنا إلى القوة اللغوية الناعمة في النضال الدبلوماسي، حيث تعد اللغة هي الهوية، وقال بأن الدول العربية ناضلت للاعتراف باليوم العالمي للغة العربية، وهو ما تحقق في نهاية المطاف، يوم 18 ديسمبر من كل عام.

وأشاد الدريس بموقف المملكة العربية السعودية المشرف مع منظمة اليونسكو، حيث وقت السعودية وقفات عديدة إلى جانب المنظمة؛ أهمها أعوام: 1945م، وعام 1984م عند خروج أميركا منها بسبب تعيين رئيس مسلم، ثم في عام 2012م، عندما رفضت أميركا دفع حصتها المالية بسبب الاعتراف بفلسطين عضوا كاملا في المنظمة، وحينها يمكن القول بأن اليونسكو خرجت من أميركا وليس العكس، حيث قدم الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله الدعم المالي الضروري للمنظمة.

وفي ختام المحاضرة أجاب الدريس عن عنوان المحاضرة: هل المنظمات الدولية ليست لعبة! قائلا بأنها ليست لعبة، بل هي ملعب بحاجة للعمل والنظال الدبلوماسي المؤسسي الفعّال والدائم، مؤكدا أهمية تنظيم عمل المندوبين الدائمين للدول العربية لدى المنظمة، وأن لا يقتصر عملهم على جهودهم الشخصية، مختتما بقوله: " إذا كنت غير مقتنع بأهمية منظمة دولية ما، فمن الأفضل أن لا تكون عضواً فيها من أن تكون عضواً هزيلاً!"