تركي الفيصل يقدم أسمى آيات الشكر لخادم الحرمين على تكريم سعود الفيصل

التاريخ: الخميس، 15 فبراير 2018م

قدم صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل بن عبدالعزيز، رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، أسمى آيات الشكر والامتنان لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز –حفظه الله– على لفتته الكريمة بمنح صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السابق -رحمه الله– "وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى" ضمن الشخصيات الثقافية المكرمة هذا العام في مهرجان «الجنادرية 32»؛ عرفانًا بجهود الأمير الراحل في مجال السلم والسياسة، وتقديرًا لريادته في خدمة وطنه.
ووجه الشكر إلى معالي وزير الحرس الوطني رئيس اللجنة العليا للمهرجان الوطني للتراث والثقافة "الجنادرية" الأمير خالد بن عبدالعزيز بن عياف، على دعوته لسموه للحديث أمام الجمع المبارك في الندوة التي أقيمت تحت عنوان «الأمير سعود الفيصل -رحمه الله-»، ضمن البرنامج الثقافي المصاحب للمهرجان في دورته الـ32، والندوات المخصصة للشخصيات المكرمة هذا العام، في حضور معالي وزير الحرس الوطني وعدد من الأمراء وجمع كبير من المثقفين والمفكرين والإعلاميين ضيوف المهرجان، وذلك في قاعة الملك فيصل للمؤتمرات في فندق الإنتركونتيننتال بالرياض، الخميس 22 جمادى الأولى 1439هـ الموافق 8 فبراير 2018م.

واستذكر الأمير تركي الفيصل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- مؤسس مهرجان الجنادرية وصاحب فكرة هذا المنبر الثقافي الذي يتحدث منه اليوم، مبينًا أنه بذَل، والذين عملوا معه ومنهم صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله، ونائب رئيس الحرس الوطني المساعد الشيخ عبد العزيز التويجري -رحمه الله-؛ كثيرًا من الجهود المقدرة في إطار تطوير هذا المهرجان الذي أصبح ملتقًى ثقافيًّا ومنبرًا إعلاميًّا للمثقفين والأدباء، ولفت إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها في النشاط الثقافي للمهرجان الوطني للتراث والثقافة.
وأوضح سموه أن الأمير الراحل سعود الفيصل لقي من التأبين وتخليد ذكراه والتكريم والإطراء ما يملأ المجلدات، مبينًا أنه سيتحدث عنه كإنسان؛ فما بقي من ذكراه يتبين في القيم الإنسانية والصفات النادرة التي لا تجتمع في شخص واحد، وتابع: «إن قُلْتُ التواضع فقد كان مثالًا له؛ فإذا دخلتَ عليه في مجلسه أو في مكتبه نهض واقفًا ومادًّا لك يده للمصافحة، أو ليضمّك بين ذراعيه مرحّبًا بابتسامته البشوشة. وإن قُلْتُ الشجاعة فلن أنسى ارتداءه البدلة العسكرية ليتسلّل إلى سقف البيت الحرام حين استولت عليه شرذمة الشيطان؛ ليستطلع بنفسه الموقف، معرّضًا نفسه لقناصتهم. وإن قُلْتُ الشهامة فكيف لا أذكر مواقفه في الأمم المتحدة لنصرة الإخوة في الكويت حين داهمهم الغزو الصدامي».

وأضاف، ذاكرًا الصفات النبيلة والمواقف الإنسانية لسعود الفيصل -رحمه الله-: «وإن قُلْتُ البصيرة في شخصية سعود الفيصل فكيف لا أذكر ردّه على رسالة بوتين لآخر مؤتمر قمة عربي حضره. وإن قُلْتُ العاطفة فمحفور في ذاكرتي جلوسي بجانبه حين سمعنا في المذياع نبأ احتلال الصهاينة قدسَنا الشريف، فذرفت عيناه دموعَ الحسرة. وإن قُلْتُ الحكمة فكيف لا أُشير إلى إدارته للسياسة التي أوقفت نزيف الدم في لبنان، ثم سياسته لإنهاء الحرب العراقية الإيرانية، وغيرها من المآسي التي أصابت أمتَنا. وإن تفكرتُ في الثقافةِ فكيفَ لم أُبهرْ ببحورهِ الغزيرةِ فيها، من معلّقةِ امرئِ القيسِ، إلى مسرحِ شكسبير، إلى قوانينِ نيوتن، إلى فنِّ مايكل أنجلو، إلى شعرِ الأخطلِ الصغيرِ، وغيرها. وإن تمعّنتُ في تديُّنهِ، ففي ناظري وقوفُهُ على منصّات المنظماتِ الدوليةِ، من الأممِ المتحدةِ، ومنظمةِ التعاونِ الإسلاميِّ، والجامعةِ العربيةِ؛ لينتصرَ للإسلامِ والمسلمينَ، وفي سلوكِهِ الشخصيِّ: فلم يقهرْ يتيمًا، ولم يَنْهَرْ سائلًا، وعمَّ معروفُهُ القريبَ والبعيدَ، وأقامَ الصلاةَ خاشعًا للهِ، وآتى الزكاةَ رحمةً بالمسكين. ولا أنسى الأنفة واحتسابه وصبره خلال صراعه مع المرض الذي أنهكه دون أن يهزمه... وغيرها من الصفات الحميدة التي لو استمررتُ في ذكرها لمكثنا في هذه القاعة ساعاتٍ وساعات».

وقال سموه: «ترك لنا سعود الفيصل إرثًا وكنزًا من المآثر والتفاني، ما علينا إلا أن نغرف منه لنستزيد، ومهما غرفنا فلن نصل إلى القاع». مستذكرًا الكلمات التي أطلقها الأمير سعود الفيصل خلال ندوة «إصلاح البيت العربي» ضمن فعاليات «منبر الجنادرية» عام 2004م، التي تحدث فيها عن أنه آن الأوان للإصلاح الداخلي في العالم العربي وتطوير المشاركة السياسية، معتبرًا أنهما المدخلان لحل المشاكل في الدول العربية، وذلك كان قبل ما سمي الربيع العربي.

وأنهى الفيصل مشاركته في هذه الندوة بقوله: «أنهي كلمتي بأجمل ما سمعت من سعود الفيصل عن احترام الإنسان خلال كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد الاحتلال العراقي للكويت؛ حيث قال -رحمه الله-: نحن العرب، نحن في المملكة العربية السعودية، لا ننكث بالوعد كما لا نرتضي الوعيد، ونحن أهل وُدٍّ وعهد، أكرمَنا الله بأنْ حملْنا رسالةَ الإسلام، ورفَعْنا بتواضع واعتزاز رايةَ الحق ونصرة المظلوم وإغاثة الملهوف، وترفَّعْنا عن انتهاك حقوق الجار وحرمة الشقيق واستلاب المغانم، وهذه أخلاقنا العربية الأصيلة ومبادئنا الإسلامية. إن العراق الذي يعتدي على دولة عربية شقيقة لا يمكن اعتباره قوةً للعرب، بل إنه يهدم الوحدة العربية. ويؤلمنا أن تتحول أنظار العالم عن قضية القدس، فمن أجل فلسطين يجب أن ينسحب العراق من الكويت. وأقول للفلسطينيين: قضيتكم هي قضيتنا، قفوا مع الشرعية فهي منطلقكم ومنطلق كل العرب، ويجب الحفاظ على التماسك المطلوب؛ حيث إن التزامنا نحن العرب، نحن في المملكة وتلاحمنا مع القضية الفلسطينية ثابت، وليس وليدَ اليوم أو الأمس، وسنستمر إلى أن تحرر القدس، فقفوا سدًّا منيعًا ضد الذين يحاولون استغلال عواطفكم. ولنبدأ بأنفسنا ونتحمل مسؤوليتنا نحو العالم الجديد، انطلاقًا من المواثيق الدولية ومنها ميثاق الأمم المتحدة..».

يشار إلى أن ندوة «الأمير سعود الفيصل -رحمه الله-»، شارك فيها كلٌّ من: صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، ومعالي وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، ومعالي وزير الخارجية الأستاذ عادل بن أحمد الجبير، ورئيس مجلس إدارة "المصري اليوم" الدكتور عبدالمنعم سعيد، فيما أدارها معالي وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور نزار بن عبيد مدني.