النقوش الدعوية في الكتابات الثمودية بمنطقة حائل-المملكة العربية السعودية


سليمان بن عبدالرحمن الذييب

هذا العمل دراسة علمية لعدد من النقوش الثمودية التي صنفتها بالدينية الدعوية، والتي رُصدت في عدد من المواقع في منطقة حائل. وسعيتُ أن يكون هدف الدراسة إلقاء الضوء على إحدى الظواهر الاجتماعية التي مارسها أهالي حائل «الثموديون ،» وهي ظاهرة الدعاء والتوسل للآلهة )المعبودات(. ولعلي أشير هنا مرة أخرى إلى أن هذا العمل جزء من مشروع ضخم أسعى فيه إلى نشر ورصد كل الكتابات الثمودية في المملكة العربية السعودية، والتي فاقت الآلاف، منتشرة في كل أنحاء وطننا الكبير. ونقوش منطقة حائل المعروفة حاليًا تعود إلى الفترة التاريخية الواقعة بين القرنين السادس إلى الأول قبل الميلاد؛ وبلغ المُسجل منها حتى يومنا الحاضر »1222« نقشًا ثموديًا، جاءت من أربعة وثلاثين موقعًا، في جهات مختلفة من منطقة حائل العريقة بتاريخها وآثارها.

وقد احتوى هذا العمل على مقدمة مختصرة عن مضامين هذه النقوش التي عكست الطبيعة الدينية عند أفراد القبائل الثمودية في المنطقة، وشملت خمسة عناوين: أولها كان عن تلك المتعلقة بالأسرة، وتحديدًا الزواج وطلب الذرية والأولاد؛ وثانيها رصدنا فيه النقوش الخاصة بطلب الرزق والغنى، الرزق طلبه في الغالب الفقراء، والغنى دعا إليه ميسورو الحال. وشمل اقتناء المتاع، والحيوانات الهامة في حياة إنسان حائل آنذاك، وأهمها الإبل؛ بينما احتلت ظاهرة العشق والحب الذي لا يخلو منه أي مجتمع سوي، مكانة رفيعة عندهم. في حين احتل الدعاء والتوسل للآلهة بإيقاع الأذى والشرور على البعض جانبًا واضحًا في المجتمع، ولعل هذه الظاهرة تشير إلى ضعف الداعي، لأن الداعي يكون الطرف الأضعف غالبًا والأقل مكانة. وأخيرًا وجدنا عددًا من النقوش التي تناولت المرض والأمراض، تلك التي تصيب الإنسان والحيوان رفيقه في حياته الدنيوية. والمثير أن هذه النقوش بينت أن الأمراض لم تكن في غالبها عضوية، بل نفسية أيضًا.

وأنتهز هذه المناسبة لتقديم الشكر والعرفان للقائمين على مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية على دعمهم المشكور والمقدر لنشر هذه الدراسة. وأدعوه، عز وجل، أن يجعل هذا العمل المتواضع في ميزان حسناتي، وأن يجعله إضافة طيبة ومفيدة للراغبين في معرفة المزيد عن شعوب المملكة العربية السعودية القديمة وممالكها، إنه سميع مجيب.